
كان يستقل المصعد معي انا وزوجي رجل معه زوجته وابنه علي ما يبدو ، يومها استطعت ان امتنع عن الضحك بصعوبه بالغه فلقد اخذ الولد والسيده في الصراخ والعويل
هانموت يا مامي
خليهم يفتحو الباب يامامي
انا مخنوق يابابي
ثم أخذت السيده تضرب الباب بيدها وهي تصرخ بهستيريا وتتنفس بصعوبه و تمسك بحنجرتها كالمخنوقه (تقريبا عندها فوبيا الاماكن المغلقة )
اما انا وزوجي فاستطعنا منع الضحك بصعوبه شديده وانا اهمس له
" فاكر فيلم بين السما والارض بتاع صلاح ابوسيف "
لم يكن الموضوع يستدعي كل هذه الضجه لان المصعد اساسا قد تعطل امام احد الادوار بمعني انه اذا ساءت الامور الي اقصي درجه فبضربة بلطه يمكن كسر الباب واخراجنا بكل سهوله
فلن نحتاج ان نحطم احد الحوائط ولن نحتاج الي المطافي وبوليس النجده وفرق الانقاذ الدولية :) ،وفوق كل هذا فالفتره لم تتعدي العشر دقائق بعدها عاد المصعد للعمل وكأن شيئاً لم يكن
تذكرت هذا الموقف مؤخرا وانا اشاهد فيلم بين السماء والارض علي احدي الفضائيات
الفيلم الذي يعتبر من افضل مئة فيلم عربي بالقرن العشرين ،لمخرجه الرائع رائد الواقعيه صلاح ابوسيف ، يضع المجتمع بأكمله داخل مصعد معطل ما بين السماء والارض
و يعرض لنا الفهلوه الاستهتار واللامبالاه ، ويصور لحظات الضعف الانساني ، وردود افعال النفس البشرية عند الاحساس بالخطر والتيقن من قرب الأجل ،وكيف يعتزم الجميع التوبة الصادقة والعمل الصالح والعزم على عدم العودة ثانيا نادمين علي اخطائهم التي ارتكبوها دون وازع من الضمير،ويأملون ان ينجيهم الله من محنتهم و يجزمون انهم قد تعلموا الدرس جيدا واستخلصوا العبر من حماقاتهم وأخطائهم الماضية
تمر عليهم الثواني ببطء وهم في انتظار مهندس الصيانه الغائب ، يموت احدهم ويولد آخر
و بعد ان يُفَرِجَ الله كربهم يتضح ان امامهم الكثير ليتعلموا من اخطاء الماضي
اعتقد واننا بعد مرور حوالي نصف قرن مازلنا نعاني من نفس السلبيات والعيوب التي احتواها مصعد صلاح ابوسيف المعطل ، وارانا جميع داخل نفس المصعد المعلق ما بين السماء والارض نحتاج الي مهندس الصيانه الذي اخشي ان ياتي بعد نفاذ الاكسوجين ووفاة الركاب